أمومة وسط الجحيم.. معاناة النساء الفلسطينيات من الحمل إلى الولادة
أمومة وسط الجحيم.. معاناة النساء الفلسطينيات من الحمل إلى الولادة
تحوّلت تجربة الأمومة في غزة إلى معركة بقاء يومية، حيث تواجه النساء الحوامل خطر الموت في كل لحظة، وسط قصف متواصل ونظام صحي منهار بفعل الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ أكثر من عام.
وتُجبر آلاف النساء على الولادة في ظروف قاسية تفتقر إلى الحد الأدنى من الرعاية الطبية، في حين تُحرم أخريات من الوصول إلى المستشفيات نتيجة إغلاق الطرق أو استهداف سيارات الإسعاف، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 50 ألف امرأة حامل في غزة يواجهن خطر الولادة دون إشراف طبي أو رعاية صحية أساسية.
تدمير المرافق الصحية
أكّدت تقارير من منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان أن الحرب على غزة دمّرت ما يقرب من 70% من المرافق الصحية في القطاع، ومنها المستشفيات المخصصة للولادة.
وأوضحت التقارير أن النساء الحوامل يلدن في الملاجئ والمدارس والخيام، من دون أطباء أو أدوات تعقيم، وأن العديد من المواليد يفقدون حياتهم خلال ساعاتهم الأولى بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الحضّانات.
وقالت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأراضي الفلسطينية، إن الوضع الصحي "كارثي بكل المقاييس"، محذّرة من أن النساء يدفعن الثمن الأكبر للحرب.
معاناة الوصول إلى المستشفى
تحكي أمّ فلسطينية تُدعى إيمان (32 عامًا) قصتها من داخل أحد الملاجئ شمال القطاع: "وضعت طفلي على الأرض بين أنقاض منزلنا بعدما فشلت في الوصول إلى المستشفى".
وروت أن المساعدات الطبية نادرة، وأن القابلات يعملن في ظروف شبه مستحيلة دون أدوات أو أدوية كافية، مؤكدة أن كل ولادة أصبحت "معجزة صغيرة" وسط دمار لا ينتهي.
وأضافت أن النساء في غزة لا يشعرن بفرحة الولادة كما في أي مكان آخر، بل بالخوف من أن يلدن أطفالًا لا يجدون مأوى أو غذاءً.
توثيق الانتهاكات
تواصل المؤسسات الحقوقية توثيق الانتهاكات التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات، مشيرة إلى أن استهداف النظام الصحي ومنع الإمدادات الطبية يُعدّ خرقًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي.
وطالبت منظمات نسوية دولية بتأمين ممرات إنسانية عاجلة لتمكين النساء من الحصول على الرعاية الصحية، وتوفير مستشفيات ميدانية تُعنى بالأمهات والمواليد.
ويرى المراقبون أن مأساة الأمهات الفلسطينيات تُجسّد أعمق وجوه المعاناة الإنسانية في هذه الحرب، إذ تُختزل فيها الحياة والموت في لحظة واحدة، لحظة يُولد فيها طفل جديد وسط ركام وطنٍ مدمّر.










